JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

-->

التنظيم القانوني والاتفاقي للمسؤولية العقدية

                التنظيم القانوني والاتفاقي للمسؤولية العقدية 

المسؤولية المدنية تنتج أو تتحقق عندما يخل احد المتعاقدين بالتزام ، وهي على نوعين المسؤولية العقدية والمسؤولية التقصيرية.

أما المسؤولية  التقصيرية تكون إذا كان الالتزام الذي اخل به العمل مصدره العمل  الغير مشروع.في حين أن المسؤولية العقدية تتحقق إذا كان  الالتزام الذي اخل به مصدره  العقد.

     فالتنفيذ العيني للعقد يكون واجبا إذا كان ممكنا وطلبه الدائن، وإلا حق لهذا الأخير أن يطلب فقط تعويضا نقديا لجبر الضرر الذي لحقه والناتج عن عدم تنفيذ العقد.

فعدم تنفيذ العقد يمكن أن ينتج عنه ثلاثة نتائج تتمثل في ما يلي:التنفيذ  الجبري إذا كان ممكنا ،فسخ العقد إذا كان هدا الخير ملزما لجانبين ،وأخيرا إعطاء تعويض لفائدة الدائن فيما يعرف بالمسؤولية العقدية.

وعليه فالمسؤولية العقدية الغاية منها هي التعويض عن الأضرار الناجمة عن الإخلال بالالتزام القانوني ،وهي تتفق في هدا مع المسؤولية التقصيرية ، إلا أنهما يختلفان في كون الأولى يكون الإخلال ناجما عن عدم تنفيذ العقد ، أما الثانية يكون ناتجا عن الإخلال بالتزام قانوني.

وقد تعرض المشرع المغربي لتنظيم قواعد المسؤولية العقدية في الفصول من261  إلى 267 ق ل ع كقاعدة عامة كما أصلها وفسرها الاجتهاد القضائي.

لكن مدام الأمر يتعلق بميدان التعاقد  الذي يخضع لمبدأ سلطان الإرادة فانه بإمكان العاقدين تنظيم نتائج الامتناع عن تنفيذ ، من ثم فانه إلى جانب التنظيم القانوني للمسؤولية  العقدية( المبحث الأول) ، قد توجد اتفاقات مخالفة يتبناها الأطراف كضابط لها وهو ما يعرف بالتنظيم الاتفاقي للمسؤولية العقدية (المبحث الثاني).

المبحث الأول : التنظيم القانوني للمسؤولية العقدية 

لإثارة المسؤولية العقدية لابد من تحقق مجموعة من  الشروط الشكلية (المطلب الأول ) وأخرى موضوعية (المطلب الثاني ).

المطلب الأول: الشروط الشكلية 

لتحقق المسؤولية العقدية لابد من توفر شروط شكلية ،وهي وجود عقد يربط بين الطرفين ،وكون هذا العقد صحيح ، ووجوب إخطار المدين بتنفيذ التزاماته العقدية.

الفقرة الأولى: عقد بين الطرفين

لا يمكن الحديث عن المسؤولية العقدية إلا عند وجود عقد تام التكوين ، حيث انه لا يمكن الحديث عن الإخلال بالتزام تعاقدي  إذا تحقق ضرر خلال مرحلة ما قبل التعاقد مدام لم يوجد عقد بعد .

وهذا ما يستفاد من خلال الفصل 263 ق ل ع الذي جاء فيه: " يستحق التعويض، إما بسبب عدم الوفاء بالالتزام، وإما بسبب التأخر في الوفاء به  وذلك ولو لم يكن هناك أي سوء نية من جانب المدين" 

وينبني على ذلك أن التزام العاقد ( المحترف ) بان يقدم سائر المعلومات المرتبطة بالعقد المزمع إبرامه يعتبر مبدئيا التزاما أخلاقيا يجد سنده القانوني في الواجب السلبي بعدم تضليل الغير ،لهذا فالإخلال به لا يشكل خطئا تعاقديا لأنه سابق على تكوين العقد وإنما يشكل عملا غير مشروع يدخل في إطار المسؤولية التقصيرية.

هذا وتجدر الإشارة بخصوص قطع المفاوضات التعاقدية هناك من يعتقد انه يخضع للمسؤولية العقدية لان كل واحد التزم ضمنيا بان يتحمل مسؤولية الخطأ الذي يقترف خلال مرحلة التفاوض.

لكن الإجماع المتفق هذا التحليل الذي ستندد إلى افتراض وجود عقد تمهيدي خلال مرحلة التفاوض ،وعليه فان أساس هذه المسؤولية لا يمكن إلا أن يكون تقصيريا .

كما أسلفنا يجوز لكل متفاوض أن يقطع المفاوضات التعاقدية في أي وقت ولا يتحمل أية مسؤولية ، إلا إذا اقترن دلك بخطأ اقترفه حيت تثار المسؤولية التقصيرية ،المبنية على التعسف في استعمال الحق لا بتحقق بسبب نية الإضرار بالغير وإنما  لسوء نية قاطع التفاوض.

هذا ويجوز أيضا للموجب الرجوع عن إيجابه الذي لم يصادف قبولا مطابقا أو لم يقم من وجه إليه بتنفيذه،لكن تطبيق هذا المبدأ على إطلاقه يؤدي إلى نتائج سلبية في الميدان التجاري ،لذلك يميل الاجتهاد الفرنسي إلى إقرار التزام الموجه بإيجابه الغير مقترن بأجل مدة معقولة وهذا ما جاء في الفصل 30 ق ل ع المغربي .

ونرى أن الأثر المترتب عن عدم احترام الموجب لإيجابه المقترن بأجل هو التزامه بتعويض الطرف طبقا لقواعد المسؤولية التقصيرية .

أما عن الاتفاق الجزئي فقد حدد المشرع موقفه من قيمته القانونية وذلك في الفصل 20 ق ل ع الذي جاء فيه :" لا يكون العقد تاما إذا احتفظ المتعاقدان صراحة بشروط معينة لكي تكون موضوعا لاتفاق لاحقا ،وما وقع عليه الاتفاق من شرط أو شروط والحالة هذه لا يترتب عليه الالتزام ولو حررت مقدمات الاتفاق كتابة".

الأصل هنا انعدام القوة الملزمة للاتفاق الجزئي حيث لا يترتب عن الإخلال به إثارة المسؤولية العقدية،وإنما إثارة المسؤولية التقصيرية وذلك عندما ينطوي الإخلال على عناصر المسؤولية الشخصية عن الأفعال الصادرة .

وخلافا لما سبق تنهض المسؤولية العقدية عن الإخلال بالتزام عقدي ولو تمهيدي ومن ذلك مثلا :

*الوعد بالتعاقد الملزم للطرفين ويسمى أيضا العقد الابتدائي وهو ينطوي على التزام متبادل لإبرام عقد نهائي تحدد شروطه الأساسية بصورة مستقلة مسبقا ( عقد وعد بالبيع ).

وبغض النظر عن النقاشات  الفقهية التي أثارتها طبيعة القانونية لهذا الوعد ، فان الاتجاه التقليدي الفرنسي اعتبره بمثابة عقد نهائي .

وذلك استنادا إلى حرفية الفصل 1589 من القانون المدني الفرنسي الذي جاء فيه : " la promesse de vente vaut vente ,l’ors qu’il ya consentement réciproque des deux partie sur la chose et sur  le prix "

وفي رأي الدكتور - عبد الحق الصافي – إن هذا الطرح غير صحيح لان العقد الابتدائي يعتبر ضربا من ضروب التعاقدي التمهيدي المتقدم ، يرتب اثأرا باختلاف مرحلتين :

المرحلة  الأولى : تمتد من وقت انعقاد العقد الابتدائي إلى حين حلول الأجل المعين لإتمام العقد النهائي ،وخلالها يرتب العقد حقوق متبادلة بين الطرفين والتزامات متقابلة، وهنا يشكل الإخلال بتنفيذ الالتزامات المذكورة إخلالا عقديا يرتب المسؤولية العقدية للطرف المخل بالالتزام .

المرحلة الثانية : عند حلول ميعاد إبرام العقد النهائي يكون طرفا العقد الابتدائي أمام فرصتين :

الفرضية الأولى : تنفيذ الالتزامات الطرفين التي ارتضاها كلاهما حيث ينشئ العقد النهائي .

أما الفرضية الثانية :أن يمتنع احدهما عن تنفيذ التزاماته ، وفي هذه الفرضية يحق  للمتعاقد الأخر أن يطلب بالتنفيذ الجبري العيني تحت طائلة فرض غرامة تهديدية ، كما يحق له أي حصول على تعويض عادل في مواجهة المدين الممتنع والدي تثار المسؤولية العقدية ضده.

ونشير إلى أن الوعد بالتعاقد يشكل عقدا تمهيديا متقدا يقوم على أساس توافق إرادتين – أو أكثر – على إحداث اثر قانوني، يتمثل في التزام الواعد بوعده إلى نهاية الأجل المحدد.

ويرتب الوعد بالتعاقد أثارا مختلفة باختلاف المرحلتين:

+ مرحلة ما قبل تعبير الموعود له عن إرادته بشان الوعد: تتميز بثبوت حقوق شخصية للموعود له في اختيار التعاقد خلال الأجل المحدد، وهذا ما يقابله التزام الواعد باحترام وعده خلال نفس الأجل .

وهذا الالتزام هو التزام بعمل لا بتحقيق نتيجة ، لذلك الإخلال به لا يعطي الحق في المطالبة بالتنفيذ الجبري  ، وإنما يشكل إخلالا عقديا يحمل الواعد المسؤولية العقدية التي تعطي للموعود له حق الحصول على تعويض الأضرار الذي أصابه بسبب ذلك .

+ مرحلة ما بعد تعبير الموعود له عن إرادته بشان الوعد: وهي تنطوي على احتمالين:

الاحتمال الأول: رفضه التعاقد حيث يترتب على دلك سقوط حقه الشخصي وتحلل الواعد من وعده.

الاحتمال الثاني: هو موافقة (صريحة أو ضمنية ) على التعاقد خلال المدة المحددة وهنا تكيف هذه الموافقة بأنها إيجاب سبقه قبلوه من طرف الواعد عندما ارتضى التعاقد في الواعد.

ومع هذا الاحتمال الثاني يحق للموعود له أن يطلب التنفيذ الجبري العيني في مواجهة الواعد الممتنع عن تنفيذ التزاماته ،كما يحق له أن يطلب منه التنفيذ بمقابل نظرا لحصول إخلال عقدي يثير المسؤولية العقدية للمخل .

أما الوعد بالتفضيل عن التعاقد، حيث انه عقد تمهيدي بموجب يتعهد الواعد بان يختار شخصا معينا للتعاقد معه مستقبلا ودلك طبقا للشروط التي ستحدد لاحقا.

مثال:

" الوعد بالتفضيل ع البيع وهو عقد يلزم الواعد مالك مالا معينا بتفضيل شخص معين كمشتري إذا رغب في بيع هدا المال ، من ثم فهذا الاتفاق لا يرتب التزاما بالبيع في ذمة الواعد ، بل التزاما بتفضيل الموعود له على غيره بعرض الشيء عليه لشرائه إذا رغب البائع في بيعه ، فهو وعد من جانب البائع بتفضيل المشتري إذا أراد البائع في البيع ".

لذلك لا يتم العقد النهائي المحتمل إلا عند تحقق شرطين:

الشرط الأول: أن يرغب في التعاقد 

الشرط الثاني: أن يوافق الموعود له على ذلك بالشروط المحددة.

ونشير إلى أن إعلان الواعد عن رغبته في إبرام العقد يخول هذا الوعد بالتفضيل إلى وعد بالتعاقد سبق للمستفيد قبوله عندما ارتضى تفضيله.

هذا وبخصوص الآثار المترتبة عن الإخلال بهذا العد بالتفضيل يذهب القضاء الفرنسي الى انه يحق للمحكمة أن تختار احد الجزائين الذي يبدوا لها توافقا مع الضرر الحاصل :

-الحكم ببطلان العقد الذي خرق الوعد .

- أو تخويل المستفيد الحق في التعويض .

وفي نظر الأستاذ عبد الحق صافي أن هذا الجزاء الأخير هو الأنسب ، فهو ينبني على إثارة المسؤولية العقدية للواعد بالتفضيل الذي اخل بالتزامه العقدي ، لذلك لا يجوز مبدئيا الحكم بإخلال المستفيد من الوعد محل الغير مكتسب الحقوق التي تضمنها الوعد بالتفضيل من قبل ومع العلم انه يسوغ على وجه الاستثناء الحكم بهذا الحلول عند ثبوت حالة الغش والتواطؤ بين الواعد وبين الغير مكتسب الحقوق وذلك معاملة لهما بفيض قصدهما .

هذا ويمكن أن يكون ضحية الامتناع عن التنفيذ طرفا في العقد، بحيث ابرمه بصفته الشخصية أو عن طريق ممثل ينوب عنه، فلا معنى لنظام الإخلال العقدي إلا في العلاقة بين طرفي نفس العقد الذي يربط الضحية بالمتسبب في الضرر.

وبهذا يمكن استبعاد المسؤولية العقدية عندما يقترف الخطأ من قبل احد المتعاقدين في مواجهة الغير ، أو العكس لتحل محله أحكام المسؤولية التقصيرية وذلك في الفرضيتين معا .

فإذا كانت المسؤولية التقصيرية تكتسي طابعا مطلقا ، بحيث أن المخطئ يلتزم بتعويض كل من تسبب له في ضرر ، فان المسؤولية العقدية تكتسي طابعا نسبيا من حيث الأشخاص ، فهي تحمي أولائك المتوفرين على صفة " طرف العقد " ليس غير .



الفقرة الثانية : كون هذا العقد صحيحا :

وجوب التمييز بحسب نوعي البطلان :

لا تنهض المسؤولية العقدية عند الإخلال بالالتزامات  في عقد باطل بطلانا مطلقا أو نسبي ،ذلك أن الدفع بنوعي البطلان لا يتقادم في حين أن دعوى البطلان تتقادم بمرور مدد مختلفة تختلف باختلاف النوعين ،كل دلك حسب التفاصيل الآتية ذكرها :

1/ بخصوص البطلان المطلق  :

         هنا ومن البديهي أن أحكام المسؤولية التقصيرية هي المطبقة وحدها ما دامت الرابطة العقدية منعدمة .

فأما العقد الباطل بطلانا مطلقا فان ضحية خطا اقترفه غريمه تحميه فقط القواعد العامة لتعويض المسؤولية التقصيرية عن العمل الشخصي عند تحقق شروطها .

فكما أسلفنا يكاد ينعقد إجماع الفقه والقضاء الفرنسيين على أن يستند التعويض المترتب على الخطأ عند تكوين العقد هو أحكام المسؤولية التقصيرية عن الخطأ الشخصي التي تقتضي تحقق ثلاثة عناصر : الخطأ ونتيجة (صرر) والعلاقة سببية أو رابطة منطقية توحد بين العنصرين السالفين.

وحسب الدكتور- عبد الحق الصافي- فهذا الطرح السابق صائب لكونه يتفق مع المبادئ العامة التي تنظم تعويض الأخطاء الشخصية للعاقدين في مرحلة ما قبل إبرام العقد.

2/ بخصوص البطلان النسبي:

هنا الحكم مختلفان العقد المختل يوجد ما دامت المحكمة لم تعلن عن بطلانه بطلب من المتعاقد الأخر ذي مصلحة أو من في حكمه، لذلك يتعين التمييز بين فرضيتين:

الفرضية الأولى: الضرر الناتج عن البطلان:

ينطبق نظام الإخلال العقدي عند ترتب الضرر عن البطلات ،فمثلا يتحمل بائع ملك الغير المسؤولية العقدية في مواجهة المشتري عند رفض المالك الإقرار ،أو ما لم يكتسب البائع فيها بعد ملكية المبيع 

الفرضية الثانية : الضرر غير الناتج عن البطلان :

هنا يختلف الحكم باختلاف التمييز الأتي:

- إذا تحقق الضرر قبل الإعلان عن البطلان فان التعويض عنه يتم طبقا لأحكام المسؤولية العقدية ،لكن بمجرد الإعلان عن البطلان ينعدم العقد بأثر فوري ، ويكون حينئذ الحديث سوى عن المسؤولية التقصيرية ،الذي يقتضي التعويض وفقا لذلك.

- أيضا تعتبر الأخطاء التي يقترفها احد العاقدين خلال مرحلة تكوين العقد والتي و التي تسبب الإبطال أخطاء تقصيرية شانها في ذلك شان الأخطاء التي ترتكب خلال مرحلة ما قبل التعاقد .

مثال:

" أن يدلس احد العاقدين على الأخر تدليسا دافعا، ا وان يكرهه إكراها مؤثرا على الإرادة، أو كناقص الأهلية يوهم المتعاقد الأخر انه أهل للتعاقد فيبرم الأخر العقد معه على هذا الأساس ".

فقي مثل هذه الحالات وما شابهها كثير لا يمكن أن يتأسس التعويض المستحق لفائدة الضحية سوى على أحكام المسؤولية التقصيرية عن العمل الشخصي  .

الفقرة الثالثة: إخطار المدين بضرورة تنفيذ التزاماته العقدية :

1/التحديد الاصطلاحي للإخطار :

يختلف الإخطار عن المطل الذي يفيد تأخير الطرف الملتزم عن الوفاء بالتزاماته في اجلها ودون سبب معقول.

فبخصوص مطل المدين جاء في الفصل 254 ق ل ع :"  يكون المدين في حالة مطل إذا تأخر عن تنفيذ التزاماته كليا أو جزئيا من غير سبب معقول ".

أما بخصوص مطل الدائن جاء في الفصل 270 ق ل ع :" يكون الدائن في حالة مطل الدائن إذا رفض دون سبب معتبر قانونا استيفاء الأداء المعروض عليه من المدين أو من شخص آخر يعمل باسمه على الكيفية المحددة في السند المنشئ للالتزام أو التي تقتضيها طبيعته .سكوت الدائن  أو غيابه عندما تكون مشاركته ضرورية لتنفيذ الالتزام يعتبر رفضا منه ".

إذا هنا يتبين أن مقياس المطل هو الوقت المحدد الذي لم يحترمه الملتزم الذي اخل بالتزاماته إخلال كليا أو جزئيا.

علاوة على ذلك قد يفيد المطل حالة توقع بحيث يبقى ممكنا تنفيذ الالتزام فهو رغم التأخر يحقق فائدة للدائن .

أما الإخطار فهو في معناه الدقيق تعبير صريح عن إرادة الدائن الذي يطلب تنفيذ الأداء المستحق له ، من ثم فهو وسيلة لإثبات مطل الطرف المتخلف عن تنفيذ التزاماته .

فالإخطار(الاعذار ) حالة قانونية يعتبر ( المدين أو الدائن ) فيها ممتنعا عن الوفاء بالتزاماته أو مقصرا في الوفاء به ، ويعتبر الإخطار( الاعذار) مقدمة لازمة للتنفيذ القهري .

2/ نطاق تطبيق الإخطار:

الحقيقة أو الأصل لا يثبت مطل المدين بمجرد تخلفه عن الوفاء بالتزامه في الأجل المحدد، بل لابد من إخطاره كمقدمة لترتيب كل جزاء عن عدم تنفيذ أي التزام تعاقدي ،ويستوي أن يتعلق الأمر عن طريق التنفيذ مباشرة آو التنفيذ بمقابل عن طريق التعويض .

لكن ثمة استثناءات عن هدا المبدأ إما نتيجة لإرادة الأطراف أو عن مقتضيات قانونية .

أ / الاستثناءات الناتجة عن إرادة الأطراف :

يمكن للأطراف لاتفاق على أن المطل يترتب كأثر فوري بمجرد حلول وقت تنفيذ الالتزام ،دون حاجة إلى إخطار (الاعذار) من قبل الدائن ن وهذا ما يستفاد من الفصلين 255 ق ل ع  ، و الفصل 260 ق ل ع .

حيث ينص الفصل 255 ق ل ع : " يصبح المدين في حالة مطل بمجرد حلول الأجل المقرر في السند المنشئ للالتزام......... " .

في حين ينص الفصل 260 ق ل ع:" إذا اتفق المتعاقدان على أن العقد ينفسخ عند عدم وفاء احدهما بالتزاماته ، وقع الفسخ بقوة القانون بمجرد عدم  الوفاء ".

هذا وان الأصل في العقود والاشتراطات التي تتضمنها هو الإباحة مادام هده الاشتراطات لا تخالف النظام العام أو الإخلال بالقواعد الآمرة .

حيت  جاء في الفصل 230 ق ل ع :" الالتزامات التعاقدية المنشاة على وجه صحيح تقوم مقام القانون بالنسبة إلى منشئيها ولا يجوز إلغاؤها إلا برضاهما معا أو في الحالات النصوص عليها في القانون ".

وكذلك ما يستفاد من الفصل 231 ق ل ع الذي جاء فيه  :" كل تعهد يجب تنفيذه بحسن نية ،وهو لا يلزم بما وقع به  فحسب ،بل أيضا بكل ملحقات الالتزام التي يقررها القانون أو العرف أو الإنصاف وفقا لما تقتضيه طبيعته "

ب /الاستثناءات الناتجة عن إرادة المشرع :

ثمة عدة مقتضيات قانونية تعفي الدائن من إخطار المدين ومن بينها:

- عندما يرفض الدائن تنفيذ التزاماته.

-  أن بصبح التنفيذ مستحيلا 

مثال :

-الفصل 261 ق ل ع عندما بتحول الالتزام بعمل عند عدم تنفيذه إلى تعويض بمقابل

-الفصل 262 ق ل ع الالتزام بالامتناع عن عمل الذي يتحول عند عدم احترامه إلى تعويض بمقابل .

3 / شكل الإخطار :

يتضمن الإخطار ما يلي :

+ طلبا موجها إلى الدائن بالوفاء بتعهداته في اجل مناسب .

+تصريحا بأنه عند انصرام الأجل فانه يحق للدائن اتخاذ ما يراه ملائما في مواجهة المدين الفصل 255 ق ل ع أعلاه  .

ويتم الإخطار كتابة إما ب :

+ ببرقية

+ رسالة مضمونة مع الإشعار بالتوصل 

+  مطالبة قضائية ولو وجهت إلى جهة غير مختصة (الفصل 255 الفقرة الأخيرة  ق ل ع ) .

هذا وحسب الفصل 275 ق ل ع انه لا يكفي مطل الدائن لإبراء ذمة المدين ،وإذا كان محل التزاماته قذرا من النقود وجب على هذا الأخير – المدين – لان يعرض هذا الثمن على الدائن عرضا حقيقيا ،فلذا رفضه –أي الدائن- كان له لإبراء ذمته بإيداعه في مستودع الأمانات الذي تعينه المحكمة مكان التنفيذ ، إذا كان الشيء صالحا للإيداع .

ملاحظة:

إذا كان طرف المماطل هو الدائن فان إخطاره يجري عن طريق سلوك مسطرة عرض التنفيذ الالتزام والإيداع لدى صندوق الأمانات بالمحكمة (الفصول 171 و 148 ق م  م).

الفصل 171 ق م م :" إذا رفض الدائن قبول الشيء الذي عرضه مدينه أو من ينصرف باسمه أن يقدمه تنفيذا الالتزام حال فان المدين ينذره صمن الشروط المقررة في الفصل 148 ق م م "

الفصل 148 ق م م :" يختص  رؤساء المحاكم الابتدائية وحدهم بالبت في كل مقال يستهدف الحصول على أمر إثبات حال أو توجيه إنذار أو أي إجراء مستعجل في أية مادة لم يرد بشأنها نص خاص ولا يضر بحقوق الأطراف.ويصدر الأمر في غيبة الأطراف دون حضور كاتب الضبط بشرط الرجوع إليهم في حالة وجود أية صعوبة .

يكون  الأمر في حالة الرفض قابلا ........"

4/ الآثار المترتبة عن الإخطار :

يترتب عن الإخطار عدة أثار من أبرزها :

- إعراب الدائن بصورة صحيحة عن رغيته في المطالبة بالتنفيذ الفوري للالتزام ،ذلك تحت طائلة مطالبته بالتنفيذ الجبري أو الفسخ. 

- انتقال تحمل التبعة من طرف إلى الأخر ، الفصل 273 ق ل ع الذي جاء فيه :" ابتداء من الوقت الذي يصبح فيه الدائن في حالة مطل ،تقع عليه مسؤولية هلاك الشيء أو تبعيته ، ولا يكون المدين مسؤولا إلا عن تدليسه وخطئه الجسيم " و الفصل 266 ق ل ع الذي ينص على انه : "المدين الموجود في حالة مطل يكون مسؤولا عن الحادث الفجائي والقوة القاهرة " .

- تحمل المدين مسؤولية التعويض نظرا لتأخره في الوفاء بالتزاماته،وذلك منذ تاريخ إخطاره.



المطلب الثاني  :الشروط الموضوعية :

تتمثل الشروط الموضوعية للمسؤولية  العقدية في الخطأ العقدي وتحقق ضرر بفعل هذا الخطأ تم أخيرا وجود علاقة سببية بين الضرر والخطأ .

الفقرة الأولى : الخطأ العقدي 

ينص الفصل 263 ق ل ع:" يستحق التعويض إما بسبب عدم الوفاء بالتزام ، وإما بسبب التأخير في الوفاء به ،وذلك ولو لم يكن هناك أي سوء النية من جانب المدين ".

يتبين من ذلك أن الخطأ العقدي يؤخذ هنا بمعناه الواسع ،فهو يشمل أي قدر من الإخلال بتنفيذ العقد الذي ارتضاه المدين ، وهذا الإخلال يتجسد في رفض احد العاقدين كليا أو جزئيا تنفيذ التزاماته أو التأخير في التنفيذ في غير المكان المتفق عليه ، أو التنفيذ بمواصفات مخالفة لشروط العقد.

كذلك ثمة صور أخرى للخطأ العقدي كان يسلم البائع شيئا  معيبا للمشتري وهو على اطلاع سابق بوجود هذا العيب ، أو بائع العقار الذي يعلم مسبقا بان هذا العقار يتهدده نزع الملكية لأجل المنفعة العامة.

ومجمل القول أن الخطأ العقدي يتحقق سواء تعلق الأمر بعدم تنفيذ التزامات أساسية مشترطة صراحة في العقد أو يتعلق الأمر بعدم تنفيذ التزامات التي يفرضها القانون، أو العرف أو الأنصاف، وفقا لما تقتضيه طبيعته .

كما أن نظام الإخلال العقدي يتحقق من الوقت الذي يعرض فيه المدين عن تنفيذ التزاماته التي تعهد بها، ولو لم يقترن ذلك بخطأ اقترفه ،وهذا ما يلاحظ من المفهوم المخالف للفصل 263 ق ل ع  اعلاه ،وهذا ما يفيد أن  المسؤولية العقدية تنهض ولو كان المدين الممتنع حسن النية .

هذا ولا ترفع المسؤولية العقدية عن المدين الممتنع عن التنفيذ إلا إذا تبت أن هذا الامتناع يعود إلى سبب أجنبي خارج عن إرادته كالقوة القاهرة أو خطا الدائن أو خطا الغير.

ومعيار الخطأ العقدي هو معيار موضوعي يعتمد في أساسه على التفريق بين نوعين من الالتزامات :

 1/ الالتزامات بنتيجة :

- البائع الذي يلتزم بضمان نقل ملكية المبيع إلى المشتري 

- المقاول في البناء الذي يلتزم بتشييد عمارة معينة لمصلحة رب العمل 

- الناقل الذي يلتزم بإيصال المسافر إلى المحل المتفق عليه

في هذه الحالة تنهض المسؤولية العقدية عقب أثبات الدائن لأمرين فقط :

- وجود التزام عقدي 

- إخلال المدين بهذا الالتزام

ولمعرفة ما إذا كان المدين يحق له دفع المسؤولية العقدية لسبب أجنبي فانه يتعين عليه التمييز بين نوعين من الالتزامات بنتيجة :

أ / الالتزام بنتيجة مطلقة :

- أداء مبلغ من النقود 

- الأشياء مثلية بشكل عام

هنا لا يمكن ولا يحق له أن يتحلل من الالتزام لآي حادث أجنبي ، حيث في هذه الأحوال ، يلتزم المدين بنتيجة مطلقة  ، من ثم لا يجوز الحديث عن التنفيذ بمقابل أو المسؤولية العقدية ، فيكون من الممكن دائما إجبار المدين على التنفيذ العيني ،هذا مع العلم انه يحكم عليه بالتعويض عند تأخره عن التنفيذ .

ب / الالتزامات بنتيجة عادية :

الالتزامات التي ترد على أشياء قيمة ( أو أعيان معينة).ومعها تنهض المسؤولية إذا أقام الدليل على أن الإخلال يعود لسبب أجنبي لا يد له فيه كالقوة القاهرة أو خطا المدين أو خطا الغير .

2 / الالتزامات بوسيلة :

يلتزم معها المدين المتعاقد ببذل العناية اللازمة للوصول إلى النتيجة المرجوة دون ضمان تحققها فعلا .

مثال :

- طبيب الذي ينحصر مضمون التزامه في تجنيد كافة مجهداته العملية لانقاد المريض.

- المحامي من اجل براءة أو حكم لصالح موكله .

ويلاحظ هنا أن العناية المطلوبة هي عناية الرجل العادي متوسط الذكاء الذي يدعى رب الأسرة.

ومن هنا لا يلتزم  كل من الطبيب أو المحامي بتحمل أثار  الخطأ الصادر عنه إلا إذا ثبت أن سواهما من الأطباء والمحامين كتوسطي الخبرة والدراية في نطاق اختصاصهم كانوا سيتجنبون الخطأ الذي اقترفه المعني بالأمر .

بمعنى أن الخطأ العقدي في الالتزامات بوسيلة يتحقق بشرطين:

- عدم تنفيذ الالتزام

- تصرف خاطئ يأتيه المدين ،ويتمثل في تقصيره وتهاونه في تحقيق النتيجة المرجوة .

- إذن هنا خطا المدين و تقصيره شرط لنهوض المسؤولية العقدية في هذا النوع من الالتزامات .

- والدائن المتضرر هو الذي يتحمل عبء إثبات العنصرين المذكورين أعلاه .

الفقرة الثانية: الضرر:

إن الهدف من المسؤولية العقدية هو إصلاح الضرر الذي وقع للدائن والناتج عن عدم تنفيذ الطرف المدين لالتزاماته .

من ثم فالإخلال بالتنفيذ لا يكون مصدرا للمسؤولية العقدية  إلا إذا سبب ضرر للدائن تجسد فيما لحق به  من خسارة وما فات عليه من فرص الربح ، شريطة أن يرتبط ذلك مباشرة بالإخلال الموجب للمسؤولية .

وميزة التعويض الواجب عن الضرر العقدي أن مجاله ضيق جدا ، يشمل فقط الأضرار المباشرة المتوقعة وقت التعاقد ،كما أن تقديره يخضع للسلطة التقديرية للقاضي الموضوع .

ورغم صراحة الفصل 264 ق ل ع في نصه على تعويض الضرر المادي الناتج عن عدم تنفيذ التزام تعاقدي، فان الفقه عندنا يذهب إلى أن دائرة هذا التعويض تتسع لتشمل أيضا الضرر الأدبي.

مثال :

الأضرار الأدبية المترتبة عن تشويه الخلقة في المجال الطبي ...

ومهما يكن الأمر وسواء كان الضرر مادي  أو معنويا فانه يجب أن يتوفر على مجموعة من الشروط :

1 / الشروط العامة لضرر :

يتعلق الأمر بشروط التي تكون مطلوبة حتى في مجال المسؤولية التقصيرية ، وهي تتمثل في :

- أن يكون الضرر شخصيا 

- أن ينتج عن الإخلال بمصلحة مشروعة

- أن يكون مباشرا 

- أن يكون محققا

أ/ ا ن يكون الضرر شخصيا :

ينص الفصل 264 ق ل ع : " الضرر هو ما لحق الدائن من خسارة حقيقية وما فاته من كسب ....."

ذلك أن التعويض عن الضرر الناتج عن الإخلال العقدي ينحصر فقط في شخص الدائن باعتباره المتضرر وسند ذلك هي " لا دعوى بدون مصلحة ".

لكن ذلك لا يمنع رفع دعوى المسؤولية العقدية من قبل الوكيل أو النائب الشرعي أو  القضائي باسم الموكل أو القاصر المحجور والقاصر الموجود في وضعية موانع الأهلية بهدف الحصول عن التعويض الضرر العقدي اللاحق بأحدهم .

هذا  وإذا توفي العاقد المتضرر من عدم التنفيذ فان حق التعويض عن الضرر ينتقل إلى خلفه العام سواء كان الضرر المادي أو المعنوي ،وسواء كان المتضرر رفع الدعوى المطالبة بالتعويض خلال حياته أم لا .

ب / أن يكون الضرر ناشئا عن الإخلال بمصلحة مشروعة :

الضرر العقدي الذي يعطي  الحق في التعويض هو الذي يكون مترتبا عن الإخلال بمصلحة مشروعة ، أي مصلحة يحميها القانون لان التعويض هو في الحقيقة انعكاس لحماية قانونية ، زمن هنا فالمصلحة التي يحميها القانون  هي المصلحة التي يحميها القانون هي المصلحة المبنية على عقد صحيح يربط بين الطرفين يكون موضوعه لا يتعارض مع النظام العام والقواعد الآمرة.

وبخلاف ما تقدم فإذا كان الإخلال العقدي يتعلق بمصلحة لا يحميها القانون فلا يكون هنا مجال لتعويض .

ج / أن يكون الضرر مباشرا :

قد ينتج عن عدم الالتزام التعاقدي سلسلة من الأضرار يعقب بعضها البعض الأخر ، فهل يسال المدين عنها جميعا أم يسال عن بعضها؟

الحقيقة أن المدين لا يسال مبدئيا إلا عن الضرر المباشر ،أما الضرر غير المباشر فيمكن أن يأخذه القاضي بعين الاعتبار إذا اخل المدين بإلزامه عن عمد أو اقترف خطا جسيما او غشا .

وللإشارة فالضرر العقدي  المباشر هو الذي يكون نتيجة طبيعية لعدم الوفاء بالالتزام أو للتأخير في الوفاء به ، بحيث لا يكون في مقدور الدائن تجنبه ببذل جهد معقول ،ويعود تقدير ذلك لقاضي الموضوع الذي يفصل في كل نازلة لوحدها تبعا لظروفها الخاصة ، دون أن يخضع لرقابة محكمة النقض .

د / أن يكون الضرر محققا :

ما يعوض عنه في ميدان المسؤولية العقدية –و التقصيرية أيضا – هو الضرر المحقق ،أي الواقع بالفعل او الذي وقعت أسبابه وتراخت أثاره إلى المستقبل ،في حين لا يعوض عن الضرر المحتمل الوقوع مستقبلا نظرا للشط الذي يحيط تحققه .

أما " ضياع الفرصة " فيندرج ضمن ما يدعى " فوات الكسب " الذي يعوض عنه طبقا للفصل 264 ق ل ع إذا كان مترتبا مباشرة عن عدم الوفاء بالالتزام ،غير انه يعود لقاضي الموضوع سلطة تحديد أهمية الفرصة الضائعة ومدى جديتها ، أيضا يكتسي سوء نية المخطئ أهمية بالغة في رفع مقدار التعويضات الواجبة عن ضياع هذه الفرصة .

2 / شرط الخاص لضرر: أن يكون متوقعا عند التعاقد: 

هو شرط تنفرد به المسؤولية العقدية التي تستوجب – مبدئيا – التعويض عن الضرر المباشر المتوقع وقت التعاقد ،أي المنتظر حصوله في هذا الوقت .

وهذا ما يستفاد بصورة ضمنية من خلال الفصل 264 ق ل ع الذي جاء فيه : " الضرر هو ما لحق الدائن من خسارة حقيقية وما فاته من كسب متى كانا ناتجين مباشرة عن عدم الوفاء بالالتزام ......"

ومما تقدم يمكن التساؤل حول:

- الكيفية التي يتم بها تقدير الشرط ؟

- ما هي مبرراته؟

- ما هو الاستثناء الوارد عليه ؟

أ / تقدير الشرط :

اختلف الفقه الفرنسي بخصوص معيار توقع أو عدم توقيع الضرر الحاصل وقت التعاقد ،هل هو طبيعة الضرر ؟ أو أهميته ؟

ذلك مع العلم أن الإجماع منعقد اليوم على اعتماد المعيار الثاني باعتباره منسجما مع مقتضيات الفصل 1150 من ق م الفرنسي ،حيث يتعين أن يدرك المدين ما قد يتعرض له عند الاقتضاء ،أذا سبب ضررا للدائن جرا إخلاله بتنفيذ التزاماته التعاقدية ، وهذا ما يقتضي أن يعلم ليس فقط نوع ضرر الذي سببه ،بل أيضا قيمة الشيء محل التعاقد .

وترى محكمة النقض الفرنسية أن مقتضيات الفصل 1150 من ق م الفرنسي تهم الضرر في حد ذاته وليس مقابل المخصص لإصلاحه ،وهذا يعني انه لا يجوز للمحكمة أن تقدر في تاريخ الحكم مبلغ التعويض الواجب للدائن ،حيت يؤخذ بعين لاعتبار عند الاقتضاء التضخم النقدي وتقلبات الأسعار.

ب/ تبرير شرط التوقع:

يرجع السبب في اعتماد مبدأ التعويض الضرر المتوقع في مجال المسؤولية العقدية إلى أن هذه المسؤولية تقوم على العقد ، ولذا  فان إرادة المتعاقدين هي التي تحدد مدى الضرر الواجب التعويض عنه ،وقد افترض المشرع أن هذه الإرادة قد اتجهت إلى جعل المسؤولية عن الضرر مقصورة على المقدار الذي يتوقعه المدين ،ويكون هذا الافتراض بمثابة شرط اتفاق يعدل من مقدار المسؤولية ،وذلك بقصرها على مقدار معين هو مقدار الضرر المتوقع .

ولكن لما كان هذا الشرط يقع باطلا في حالتين غش المدين وخطئه الجسيم ،لأنه يرجع إلا الأصل بعد إبطال الشرط الاتفاقي الذي يعدل من مقدار المسؤولية .

ج / الاستثناء: الالتزام بالتعويض الضرر غير المتوقع عند اقتراف غش أو خطا جسيم:

يتعبن على العاقد المدين أن يعوض كل الضرر المباشر ولو كان غير متوقع عند التعاقد ،وذلك عندما يتعهد الإخلال بالتنفيذ ، أو يبرهن على سوء نيته بإقدامه على اقتراف غش أو خطا جسيم ،وهدا ما يستنتج من الفصل 264 ق ل ع  الذي جاء فيه ك" .....وتقدير الظروف الخاصة بكل حالة موكول لفطنة المحكمة التي يجب عليها أن تقدر التعويضات بكيفية مختلفة حسب خطا المدين أو تدليسه " .

وهناك من يرى أن تبرير هذا الاستثناء يستند إلى كون العاقد الذي اقترف غشا أو خطا جسيما ،يرغب في التخلص من موجبات العقد ،من ثم يتعين أن يأخذ الشخص المسؤول تقصيريا والذي يلتزم بتعويض كامل يشل حتى الضرر غير المتوقع وذلك في مواجهة المتضرر.

أو بتعبير أخر أن إلزام المدين سيء النية بتعويض كامل يشمل حتى الضرر غير المتوقع عند  تكوين العقد ، يعني ببساطة تعريضه لعقوبات استثنائية .ولكنها مستحقة فهو لم يتردد في زعزعة الثقة التي وضعت فيه ، كما انه تصرف كما ولو  لم يكن العقد موجود لذلك يعامله القانون بسوء قصده فيحرم من التدرج بالعقد ،ويلتزم بتعويض حتى المخاطر التي لم يقبل بها في البداية .

الفقرة الثالثة: العلاقة السببية 

لابد من وجود رابطة سببية بين الخطأ والضرر لنهوض المسؤولية المدنية كيفما كانت طبيعتها تقصيرية أم عقدية ، وبخصوص هذه الأخيرة من المؤكد أن نظام الإخلال العقدي يقتضي وجود علاقة منطقية بين الصرر والفعل .وسنعالج في هذه الفقرة ما يأتي :

- السبب المباشر 

- تعدد الأسباب 

- أتبات ونفي العلاقة السببية 

1 / السبب المباشر :

تقتصي إثارة المسؤولية العقدية – والتقصيرية أيضا – وجود علاقة سببية مباشرة ومنطقية بين الضرر الذي يطلب الدائن التعويض عليه ، وبين خطا المدين المتمثل في الإخلال بتنفيذ التزاماته العقدية ،بحيث أن ذلك الضرر نتيجة طبيعية لذلك الخطأ .

 حيث جاء في الفصل 264 ق ل ع : " الضرر هو ما لحق الدائن من خسارة وما فاته من كسب متى كانا ناتجين مباشرة عن عدم الوفاء بالالتزام "

وتقدير الرابطة السببية يثير صعوبات ناتجة عن تعدد ظروف الأحوال وتداخلها.

بحيث يبقى للقاضي كلمة الفصل في الموضوع الذي ينظر في كل نازلة على حدة، وذلك بالاعتماد على موجبات المنطق والفكر السليم وهو يتمتع بالسلطة مطلقة لتقدير عناصر لإثبات السبب.

غير أن قاضي الموضوع ملزم بتدليل حكمه في حتى يتيح لمحكمة النقض بسط رقابتها من حيت توفر السبب بين الخطأ والضرر وكونه حقيقيا فالأمرين معا يندرجان ضمن نطاق تطبيق القانون.

2 / تعدد الأسباب : 

في هده الحالة تثور تعقيدات بتحديد العلاقة السببية راجحة لحصول ضرر نتيجة لعدة أخطاء من بينها إخلال المدين بالتزاماته العقدية، بل يكون هدا الإخلال مترتب عن الأسباب مختلفة، ولكي تنهم ذلك لابد من الانطلاق من أمثلة عملية من بينها:

- قام مريض يعاني من مشاكل تنفسية بعرض نفسه على الطبيب اعتبر انه مجرد نزلة برد وأوصى باستعمال أدوية معينة ،بعد مرور 3 أشهر تفاقمت حالة المريض ، الذي أتبث الفحوصات اجري له انه مصاب بسرطان الحنجرة نتج عنه وفاته في ظرف أربعة أشهر ، فهنا الراجح أن وفاة المرض حصلت نتيجة لعدة أسباب : خطا الطبيب + التطور السريع للمرض لان هذا المرض وراثي .....

في مثل هذه الحالة وما شبهها يطرح التساؤل حول السباب التي يتعين الوقوف عندها في ترتيب المسؤولية ؟ أي هل تؤخذ جميعها بعين الاعتبار ؟ أم يتم الاعتداد بأحدها أو بعضها ليس غير ؟

هنا يختلف الجواب باختلاف النضرتين التي تعالج في نفس الإشكالات في إطار المسؤولية التقصيرية .

أ / نظرية تكافؤ الأسباب:

يذب الاعتداد بكافة الأسباب المساهمة في ترتيب الصرر ولو كانت بعيدة غير مباشرة ، فيشترط فقط أن يكون الضرر مرتبطا بعلاقة ما ن ولو كانت عير وثيقة بخطأ المدين حتى يتحمل هذا الأخير المسؤولية بمعنى أن كافة الوقائع تستحق صفة سبب للحادث عند ثبوت أن ضرر ما كان ليحدث لولاها.

وينبني على ذلك أن المسؤولية تكون مشتركة بين جميع الأسباب التي تداخلت فغي ترتيب الضرر ومن ثم يجري التعويض بحسب نسب الأخطاء الحاصلة وأوصافها ( عمدية ،جسيمة ،طفيفة،مقترنة بأجل) .

ب / نظرية السبب المنتج :

هنا يجب تصنيف الأسباب المؤدية إلى حدوث الضرر إلى نوعين :

- أسباب فعالة ومنتجة وهي نكفي لإحداث الضرر الذي لم يكن ليقع لولاها .

- أسباب عارضة: ليس من شانها بمفردها وفقا لمجريات العادية للأمور أن ترتب مثل هذا الضرر.

ومن ثم يتم الأخذ بالأولى واستبعاد الثانية ، وعليه تقتضي إثارة المسؤولية العقدية أن يكون الإخلال بالتنفيذ هو السبب الرئيسي و الفعال في إحداث الضرر.

            هذا والمشرع المغربي كذلك أخد واعتمد النظرية الثانية التي تعتد بالسبب المنتج ذلك أن علاقة السببية المباشرة هي التي يتعين النظر إليها عند تقرير التعويض المستحق.

وهو  ما يستفاد من الفصل 263 ق ل ع الذي جاء فيه: " يستحق التعويض، إما بسبب عدم الوفاء بالالتزام، وإما بسبب التأخير في الوفاء به.........."

ومقتضيات الفصل 264 ق ل ع الذي ينص على : " الضرر هو ما لحق الدائن من خسارة حقيقية وما فاته من كسب متى كان ناتجين مباشرة عن عدم الوفاء بالالتزام "

3 / إثبات ونفي العلاقة السببية :

أ / إثبات العلاقة السببية :

الأصل أن يقع عبئ الإثبات العلاقة السببية في المسؤولية العقدية على عاتق الدائن المطالب بالتعويض عن الإخلال المدين بالتزاماته ،حيت تقبل كل الوسائل الإثبات ومن بينها القرائن – القوية والمنضبطة –باعتبار الأمر مندرجا صمن طائفة الوقائع المادية .

وللإشارة يسهل أمر تقدير العلاقة السببية في الفرضيات التي ينتج فيها الضرر ،عن الخطأ الجسيم أو المقترن بالتدليس.

والمعلوم انه توجد حالات استثنائية خاصة تفترض معها المسؤولية العقدية في مواجهة المدين المخل بتنفيذ العقد والمثال على ذلك :

- مسؤولية المعماري أو المهندس والمقاول المكلفان مباشر من قبل رب العمل :

- الفصل 769 ق ل ع " المسؤولية إذا حدت خلال العشر سنوات التالية لإتمام البناء أو غيره من الأعمال التي نفذها أو اشرف على تنفيذها أن انهار البناء كليا أو جزئيا ،أو هدده خطر واضح بالانهيار بسبب نقص المواد أو عيب في طريقة البناء أو عيب في الأرض "

فهنا المسؤولية تقوم على خطا مفترض في مواجهة المدين المسؤول الذي اخفق في تحقيق النتيجة المتفق عليها ،من ثم فهو لا يستطيع التخلص من ضمان المسؤولية إلا بنفي العلاقة السببية بين الخطأ الذي اقترفه والضرر الذي وقع للدائن ،وذلك عن طريق إثبات أن هذا الضرر الذي وقع حصل بفعل أجنبي لا دخل له فيه "كالقوة القاهر أو خطا العير ".

ب / نفي العلاقة السببية :

في دعوى المسؤولية بإمكان المدعي عليه أن يتجنب الحكم عليه بالتعويض عن طريق دحض وجود احد العناصر المسؤولية : الإخلال بالتنفيذ،الضرر،أو العلاقة السببية بينهما  أيضا بإمكانه تحقيق نفس النتيجة إذا أتبت  السبب الأجنبي الذي يعفيه من تنفيذ العقد  ويخلصه من المسؤولية المدنية المترتبة على ذلك : وجاء بخصوص هدا في الفصل 268 ق ت ع : " لا محل لأي تعويض إذا أتبت المدين أن عدم الوفاء بالالتزام أو التأخير فيه ناشئ عن سبب لا يمكن يعزى إليه ، كالقوة القاهرة ، أو الحادث الفجائي أو مطل الدائن " 

فهنا لا ترد المسؤولية العقدية نظرا لعدم إخلال المدين بالتزاماته أو عدم إصابة الدائن بضرر، وإنما نتيجة لانتفاء العلاقة السببية .

فالضرر العقدي ليس مترتب عن الفعل المدين بل عن سبب أجنبي ، باعتباره كل فعل أو حادت معين لا ينسب إلى المدعى عليه "،ويكون قد جعل تلاقي العمل الضار أمرا مستحيلا ، بمعنى انه يشترط في السبب الأجنبي الذي يقطع العلاقة السببية في مجال المسؤولية العقدية شرطان :

- أن يجعل من المستحيل على المدين الوفاء بالتزامات التعاقدية 

- أن يكون أجنبيا عنه ولا دخل له في حصوله 

ويندرج في هذا الإطار كل من القوة القاهر والحادث الفجائي وخطا الغير.

الموضوع الموالي : التنظيم الاتفاقي  للمسؤولية العقدية .

المراجع :

استاذ عبد الرحمان الشرقاوي : القانون المدني دراسة حديثة للنظرية العامة للالتزام على ضوء تاثرها بالمفاهيم الجديدة للقانون الاقتصادي / الكتاب الاول مصادر الالتزام / الجزء الأول التصرف القانوني /مطبعة المعارف الجديدة الرباط / الطبعة الثالثة 2015 .

- الدكتورعبد الحق الصافي :الوجيز في القانون المدني دراسة في ق ل ع وفي القوانين الأخرى

- ق ل ع : ظهير الالتزامات والعقود وفق اخر التعديلات إلى غاية 18 فبراير 2016.

-ق م م : قانون المطرة المدنية .



author-img

فضاء الممارسة القانونية

Commentaires
Aucun commentaire
Enregistrer un commentaire
    NomE-mailMessage